زادت الأمطار الأخيرة معاناة مالكي محلات سوق القرب بكاساباراطا، بعد أن اتضح بعد شهور من بناء هذا الأخير، أن الجدوى منه لم تكن كما هو متوقع.
وأغرقت الأمطار الطابق السفلي بشكل كبير وتسببت في خسائر لبعض التجار الذين ظلوا أوفياء للسوق والمتاجرة داخله.
على مساحة ضخمة خلف سوق كاساباراطا، وفي إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تم بناء سوق القرب الجديد الذي كان يعول عليه كثيرا للحد من مشكلة الباعة الجائلين في محيط سوق كاساباراطا، ومحيط سوق “البلاصا”، وكذا بمنطقة بئر الشعيري.
قرار افتتاح السوق، بدايات سنة 2020، نزل بردا وسلاما على عدد كبير من سكان الحي، وعلى عدد من البائعين أيضا، بينما خلق شنآنا لا بأس به في جزئية توزيع المحلات على المستفيدين الذين بلغ عددهم حوالي 1000 بائع متجول، ممن شملهم الإحصاء الرسمي الذي أشرفت عليه السلطات المحلية، منذ سنة 2014، وممن سبق لهم وأن مارسوا فعليا البيع بالتجوال أو كفراشة بسوق كاساباراطا وبمحيطه وملحقاته، أو بمنطقة حي بئر الشعيري.
ويضم هذا الفضاء السوسيو-اقتصادي النموذجي عدة قطاعات تجارية، أهمها قطاع الخضر والفواكه، الملابس الجاهزة، السمك، الزيتون، البيض، الأعشاب الطبية، والأثاث المستعمل.
احتجاجات ترافق الانطلاقة
رافقت انطلاقة السوق في أواخر سنة 2019 وأوائل 2020 احتجاجات عدد من الباعة بحجة أنهم يستحقون الاستفادة من المحلات التجارية بالسوق، على غرار زملائهم، وهي العملية التي شهدت شدا وجذبا كبيرين، خصوصا أنه من الصعب جدا تمييز المستحقين فعلا من المدّعين.
وعلى إثر ذلك، تم تنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية، سواء قرب ولاية طنجة أو قرب الملحقة الإدارية الخامسة عشرة، طالب منظموها من السلطات منحهم حقهم في المحلات باعتبارهم مارسوا نشاطات تجارية منذ سنوات.
ورغم ذلك، فقد تم في الأخير توزيع المحلات وفقا للسلطة التقديرية للسلطات التي نظمت عملية القرعة، باعتبار أنه من المستحيل إرضاء الجميع.
حماس مبدئي.. ثم إحباط
إثر الضجة الكبيرة التي رافقت افتتاح السوق فإن التنافس على الحصول على المحلات بلغ أشده، وكثرت الإشاعات والأقاويل حول عمليات بيع وكراء هنا وهناك.
لكن هذه العملية اتضح، بعد شهور فقط، أنها لم تكن ناجحة أو مربحة إلى تلك الدرجة، بعد أن قام عدد كبير من الباعة بافتتاح محلات تجارية في نفس أماكنهم السابقة، إما بكرائها أو شرائها.
يقول بائع لموقع “طنجاوة”: أعترف أنني لم أتحمس لفكرة سوق القرب، لأنني أعرف أن زبائني تعودوا على وجودي هنا، وفي الغالب لن يذهبوا إلى ذلك المكان البعيد للبحث عني، لهذا آثرت أن أكتري هذا المحل وأبقى قريبا من سوق “البلاصا” الذي سيبقى وجهة تجارية على أية حال.
نفي الشيء قام به الكثير من باعة الخضر والفواكه خصوصا، بينما لا زال باعة السمك يتواجدون بأماكنهم القديمة بالقرب من “البلاصا”.
إقبال ضعيف جدا
بجولة سريعة في سوق القرب تكتشف أن منطقة الطابق تحت أرضي، المخصص لبيع السمك والفواكه والخضر، شبه خاوية على عروشها، باستثناء باعة متفرقين هنا وهناك، بينما يكاد المكان يخلو من الزبائن، باستثناء يومي الخميس والأحد.
المحلات تبدو مهجورة تماما، لدرجة أن بعضها فعلا امتلأ بالنفايات، وما زاد الطين بلة أن بعض الباعة افترشوا لهم مكانا بجوار السوق، ليتم تكريس المشكل نفسه بقرب سوقٍ يفترض أنه جاء لحله.
في المقابل، فإن الطابق الفوقي، المخصص للملابس وغيرها، يبدو أفضل سواء من ناحية المحلات التي يشتغل أغلبها شكل منتظم، وكذا من ناحية الزبائن.
يقول أ.م، أحد الزبائن بعين المكان “أحضر هنا لأقتني بعض الكتب المستعملة، وفعلا أجد ضالتي لدى بائعين هنا، المكان هادئ ومريح ومظلل.. ولا نبحث عن أكثر من هذا كزبائن مولعين بالكتب”.
السلطات تتوعد
بسبب هذه المشاكل المتراكمة وهجرة السوق من طرف الباعة، وجهت السلطات المحلية مؤخرا إنذارا شديد اللهجة للتجار المستفيدين من السوق، وذلك من أجل الإلتحاق بالأماكن المخصصة لهم، في أقرب الآجال، مع سحب الاستفادة من الممتنعين وتعويضهم بآخرين.
وحسب إعلان لرئيس الملحقة الإدارية الخامسة عشرة، ففي إطار استئناف النشاط التجاري بسوق القرب كاساباراطا الجديد والمنجز في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فعلى جميع التجار المستفيدين الالتحاق بالأماكن المخصصة لهم وذلك ابتداء أواخر شهر مارس.
وأوضح الإعلان ذاته، أن عملية الالتحاق هاته ستتم وفق الأرقام المسلمة لكل مستفيد وحتى تمر في أحسن الظروف، مؤكدا أن الباعة “مطالبون بالالتحاق بأماكنهم داخل آجال لا تتجاوز 15 يوما، مع استغلال المربع المخصص لكل بائع، بصفة شخصية، حيث يمنع منعا باتا بيع أو كراء أو تفويت أو التنازل عن هذه الأماكن تحت طائلة السحب النهائي للاستفادة”.
و في حالة عدم مزاولة بعض المستفيدين لنشاطهم التجاري بالفضاء المخصص لهم، داخل أجال شهر، ابتداء من تاریخ افتتاح السوق يحق للإدارة المعنية استبدال المستفيد الأصلي بمستفید آخر، حسب الإعلان.
لكن يبدو أن تفعيل هذا الأمر لم يتم، أو أنه لم يلقَ صدى على أية حال، ليبقى سوق القرب “غارقا” في مشاكلَ يفترض أنه جاء لحلّها.