نورا الشقاف
قبل أيام مرت بنا ذكرى اليوم العالمي للمتاحف (18 ماي)، وتستغل المؤسسة الوطنية للمتاحف هذه المناسبة المميزة لجعل الولوج إلى جميع المتاحف التابعة لها مجانيا طيلة اليوم، بحيث تتاح الفرصة للجميع للدخول واستكشاف المقتنيات والقطع الفنية والأثرية التي تحمل في عمقها روايات التاريخ.
لكن هل فعلا تحظى المتاحف في طنجة بالإقبال الذي تستحق؟
إن أول ما يلاحظُ المتجول في أروقة المتاحف هو قلةَ الزوار، وهو أمر يسترعي الانتباه بشكل لافت، إذ رغم غنى بعض المتاحف بالمعروضات بالغة الأهمية، إلا أن الزوار المهتمين باستكشافها لا يكاد يتعدى أصابع اليد خلال اليوم الواحد، بل إن معظم هؤلاء الزوار، على قلتهم، من السياح الأجانب.
وفي الضفة الأخرى، نجد الزوار يصطفون بالمئات أمام مآثر قصر الحمراء بغرناطة أو أمام لوحات اللوفر على سبيل المثال، ويشكل السياح العرب والمغاربة خصوصا نسبة مهمة من زوار هذه المواقع، بينما تظل المتاحف والمواقع التاريخية هنا تشتكي عزوف المواطنين.
فهل هي قلة اطلاع من طرف الساكنة المحلية؟ أم هو تجاهل مقصود للتاريخ والابداع المحلي؟
أيا كانت الأسباب، وهي عديدة، فإن تزايد أعداد المتاحف بالمدينة في السنوات الأخيرة بات ملحوظا، حيث تم افتتاح ما هو خاص بالفنون التشكيلية، مثل متحف دار المخزن ومتحف فيلا هاريس الذي رمم حديثا، بالإضافة لفضاء برج النعام لذاكرة ابن بطوطة الذي يعنى بتوثيق مسارات هذا الرحالة الطنجي العالمي، ومركز برديكاريس…
إن مدينة طنجة لطالما كانت ولا تزال، حاضنة للثقافة. عاش على أرضها أشهر الكتاب والرسامين والسياسيين والعلماء، وقد ساهم موقعها الجغرافي في أن تكون من أهم مواقع صناعة الحدث على مر التاريخ. وقد كان أهالي طنجة أنفسهم يعيشون في خضم كل ما مرت به هذه المدينة الفريدة، لكن مع الأسف فقد خلف من بعدهم خلفٌ يجهلون القيمة التاريخية لجل هذه الأحداث ومواضع حدوثها وآثارها المتوارثة الشاهدة عليها. وهذا ما نرى المجهودات الحثيثة ساعيةَ لتداركه عبر إحياء التراث وإنشاء المتاحف.
إن محاولات تعزيز المشهد الثقافي المحلي، على أهميتها، تظل في حاجة ماسة لإيصالها إلى المواطن المحلي، لأنها ما جعِلت إلا لأجله، وهو المقصود الأول لتلقيها والتشبث بها وتوريثها للأجيال القادمة، ولن يتم ذلك إلا بتجييش جميع الوسائل الممكنة، من إعلام وسلطات محلية، من أجل تقريب أهل طنجة لتاريخ طنجة.