تعرف فنون الشارع بكونها أشكال الفنون البصرية التي تم إنشاؤها في الأماكن العامة كفن الملصقات والنحت، وكذلك الأعمال الفنية دون حسيب أو رقيب خارج سياق أماكن الفن التقليدي وقد اكتسب المصطلح شعبية خلال فترة ازدهار فن الكتابة على الجدران في عقد 1980.
يفضل بعض الفنانين الذين يختارون الشوارع كمعرض للصور في كثير من الأحيان القيام بذلك بقصد الاتصال مباشرة مع الجمهور بوجه عام، والتي تكون خالية من الحدود حيث يقدم فنانو الشوارع في بعض الأحيان محتوى ذا صلة اجتماعية تملؤه قيمة جمالية، لجذب الانتباه لقضية ما، وكثيرا ما يسافر الفنانين بين البلدان لنشر تصاميمهم في الشوارع، وكذلك لكسب انتباه الإعلام والعالم أو حتى للعمل التجاري .
تاريخها في مدينة طنجة
يصعب أن نقول أن هذا النوع من الفنون لديه تاريخ معين في مدينة طنجة أو الإشارة إلى أسماء بعينها، لكن، ذلك لا يمنع من سرد بعض التجارب التي كانت تعرض أمام الجماهير الطنجاوية في أماكن مختلفة دون تنظيم واضح.
فقد شهد شاطئ طنجة البلدي ، خلال فترة السبعينات والثمانينات خصوصا، أنشطة رياضية عرفت بـ”الجغايمية”، والتي كانت تضم مجموعة من هواة فن الأكروبات، والتي كانت تقام بشكل عشوائي بحضور عشرات الجماهير.
ورغم العشوائية التي طبعت هذا النشاط الرياضي إلا أنها أوصلت مجموعة من الممارسين إلى محافل عالمية وعروض سيرك في مختلف أنحاء العالم.
طبعا لم تكن هذه الأنشطة تشهد أي تدخل من طرف السلطات نظرا لكونها كانت تمارس بعيدا عن “الشارع العام”، باعتبار الشاطئ يبقى مكانا منعزلا لا يؤثر على راحة المارة والعابرين.
أيضا، عرفت طنجة طرق تعبير مختلفة من طرف أفراد متفرقين اشتهر بعضهم في طنجة حتى دون معرفة أسمائهم.
أما الكتابات على الجدران فظلت الطريقة الأكثر تعبيرا في المدينة لكن دون أن تحمل بالضرورة فنا واضحا، قبل أن تظهر تقنية “الكرافيتي” وتبدأ بعض الكتابات في الانتشار هنا وهناك، لكن دون إمكانية اعتبارها “فنا منتشرا”.. فقد ظلت محدودة مع ذلك، كما أن المجتمع نفسه لا يتقبلها في كثير من الأحيان.
صعوبة التقبل
يقول أحمد سعيد القادري، وهو فنان ومخرج، “في مدننا لا زلنا لم نستطع تقبل هذه الفنون بعد، فرسم “الكرافيتي” مثلا يعتبر تلويثا، والغناء ضجيجا وإزعاجا”.
ويضرب المتحدث مثالا بأوروبا التي عملت على تقنين هذا الفن وترخيصه مضيفا “فالسلطة ترخص لهذا الفن لأنه يساهم في السياحة، مع تنظيمه من ناحية الزمان والمكان وغيرها، وأتذكر أن أحد الأمريكيين قبل سنوات بدأ يقدم ألعابا يدوية في ساحة الأمم بطنجة، لكن السلطة تدخلت وأوقفته للأسف”.
وعليه، يتابع القادري، “لابد أن تتدخل السلطة الآن لحماية هؤلاء الفنانين وتشجيعهم، مع تأطيرهم طبعا، كأن يبدأ الفنان في 11 صباحا ويغادر في 9 مساء مثلا، مع وجود هندام محترم طبعا، وأظن أنه لدينا ساحات كافية جدا في طنجة كساحة الأمم وسور المعكازين، والكورنيش، وغيرها، ولم لا تحويل البوليبار إلى ممشى للراجلين فقط بدون سيارات، ويكون بالتالي قبلة لكل الفنانين”.
الكاريكاتير.. أفضل مثال
أفضل مثال وأفضل تجربة ناجحة لحد اللحظة في مدينة طنجة هي التجربة التي يخوضها مجموعة من الكاريكاتوريين المحليين، والذين أخذوا لهم مكانا مرخّصا داخل “مارينا باي” تحت مسمى “مارينا تونز”.
التجربة رائعة وتعرف إقبالا من طرف المواطنين، ويقدمها فنانون مهنيون حقيقيون، بشكل مقنن، بأسعار واضحة، دون أي مضايقات للعابرين.
بل إن أغلب المواطنين يعتبرونها تجربة فريدة من نوعها أن يتم رسمهم كاريكاتوريا، ويأخذون اللوحة الفنية التي رسمت لهم بنية الاحتفاظ بها لأطول مدة، مع مشاركتها على مواقع التواصل طبعا.
ويبقى عيب التجربة الوحيد أنها موسمية، ومنحصرة في فصل الصيف فقط.