وأنت تمر بشارع مولاي عبد الحفيظ، متجاوزا مسجد طارق ابن زياد (السعودي)، تلفت انتباهك، على يمينك، مجموعة من البنايات المهجورة، غير مكتملة البناء، التي تبدو وكأنها جهزت لتكون محلات تجارية.
بنايات تتجمع على أطرافها أزبال ونفايات، بينما يتواجد في بعض زواياها منحرفون ومتشردون، يستعملونها كمخبأ أو لتعاطي المخدرات.
مشهد بشع يتناقض تماما والسمعة التي أخذها سوق كاساباراطا، كسوق شعبي يقصده الزائرون من مختلف أحياء طنجة، وحتى الزوار من مختلف المدن المغربية.
البداية
منذ 23 سنة، وفي سنة 2000 بالضبط، تم التصويت بجماعة الشرف (قبل نظام وحدة المدينة) على مقرر يقضي بإعادة هيكلة سوق كاساباراطا، حيث تقرر تشييد مجموعة بنايات مجاورة لمبنى قباضة الحي الجديد، أطلق عليها اسم “مركب ابن بطوطة التجاري”، وهو الاسم الذي لم يعْلقْ في الآذان ولا يتذكره أحد، لأن المشروع توقف وأصبح عبارة عن بنايات مهجورة تنتظر مصيراً مجهولاً.
ووفق مصادر “طنجاوة“، فقد رصد للمشروع حينها ميزانية هائلة بلغت 6 ملايير سنتيم ونصف، والمفاجئ في الموضوع أن آخر قسط من هذه الميزانية لم يتم تأديته سوى السنة قبل الماضية فقط.
احتجاج ورفض
في سنة 2002، يضيف ذات المصدر “انطلق بناء المركب، والذي رافقته احتجاجات متواصلة لتجار سوق كاسابارطا الذي عبروا عن رفضهم له، ولطريقة تصميمه والتي لا تتناسب إطلاقا مع تصاميم الأسواق التجارية”.
وزاد “تواصلت احتجاجات جمعيات التجار إذن، في نفس الوقت الذي قرر المغرب تبني نظام وحدة المدينة، وغيّرت الانتخابات الجديدة الكثير من الوقائع والمعطيات”.
تزامن كل هذا مع تعيين الوالي محمد حصاد، الذي قام بزيارة للمشروع سنة 2004، وقرر وقفه، “ليبقى منذ ذلك الحين معلّقا حتى إشعار آخر” يختم المتحدث.
استغلال المركب
وفق مصادر “طنجاوة” فإن اتفاقا “شفويا” جمع عمدة طنجة السابق فؤاد العماري وشركة “Somecotrad”، المتخصصة في تجهيز وتهيئة المناطق الخضراء، خول هذه الأخيرة استغلال جزء كبير جدا من المركب كمخازن لها، خصوصا الجزء الداخلي من المركب.
سوق القرب.. بديل مجاور
استغرب الكثير من المتتبعين عندما أعلن عن إحداث سوق القرب، بمنطقة “الفلوجة” بسوق كاساباراطا، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك كبديل منظم للباعة الجائلين الذين كانوا يملأون شوارع كاساباراطا، وجاء وجه الاستغراب من كون المركب التجاري كان أولى بهذا الأمر.
لكن إذا عرف السبب بطل العجب، فالمركب التجاري رغم كون أشغاله انطلقت منذ أزيد من 20 سنة تقريبا، إلا أنه توقف قبل أن تكتمل الأشغال وبالتالي لم يتم تسليمه من طرف المقاولة التي أشرفت على بنائه، واحتمال وقوع أضرار في البناء، وبالتالي في الموجودين به، تبقى واردة جدا.
حرائق وأضرار
قبل أن تقوم السلطات مؤخرا بإغلاق الدكاكين التي كانت مفتوحة في وجه المتشردين والمنحرفين، كانت هذه الأخيرة فعلا بمثابة سكن دائم لهؤلاء، حيث أشعلوا أكثر من مرة بالمكان حرائق صغيرة ومتوسطة، لحسن الحظ أنها لم تنتقل إلى باقي السوق الذي يعاني أصلا من هذه الظاهرة.
ووصل الحال ببضعهم إلى إحضار أفرشة ومرتبات ببعض الدكاكين، مما حولها إلى منازل مؤقتة، منازل تنذر بوقوع الكثير من الآفات.
تذمر وشكاوى للساكنة
لم يتوقف السكان الذين يواجهون المركب عن الشكوى مما يسببه السكارى والمنحرفون من ضجيج ليلا، خصوصا الشجارات التي كانت تنشب بينهم من حين لآخر، خصوصا ليلا.
خفف من وقع هذه الأضرار تحويل المنطقة المجاورة له إلى منطقة خضراء، وكذا إغلاق الدكاكين بالإسمنت والآجور إلى حين.
ولو أن هذا لم يمنع من استعمال المكان من حين لآخر من طرف المتشردين، والذي يمكن لمس مظاهره صباحا من خلال المخلفات التي يتركونها وراءهم.