أنهيتُ الندوة التي دُعيت إليها في معرض الرباط الدولي للنشر والكتاب، وقررت أن أقوم بجولة بين جنباته، لعلي أحظى بكتاب أبحث عنه منذ مدة أو أجد ريحَ مدينتي طنجة في مكان ما.
الحقيقة أنني وجدت كل شيء إلا الهيئات المنتخبة التي اعتقدت أنها ستغتنم الفرصة وتحجز لها مكاناً في هذا المحفل الثقافي “السياحي”.
نعم، فانا لا أحتاج لتذكير المجلس الجماعي، ولا مجلس الجهة، بأن السياحة الثقافية أصبحت جزءاً لا يتجزء من السياحة الداخلية وحتى الخارجية، وأنها يمكن أن تدر الملايين والملايير كمداخيل.
لكن، للأسف لم أجد شيئا من هذا، وغابت المجالس التي يفترض أن تتسابق، حرفياً، كي تروج لمدينة طنجة، التي حولتها المشاريع الملكية إلى أيقونة سياحية.
لا أفهم كيف يمكن أن تغفل هذه الهيئات عن مناسبة كهذه، لكنني أتصوّر أنه لا فكرة لديهم إطلاقا عن نتائج الحضور في المعرض، أو لا فكرة لديهم – للأسف – عن كيفية الترويج ثقافيا لمدينة عالمية كطنجة.
ولو أنهم رجعوا بالتاريخ قليلا لأدركوا أن الكثير من اقتصاد طنجة قائم على كونها كانت مدينة ثقافية جلبت العشرات، بل المئات، من الفنانين والكتاب.
رسم هؤلاء وألفوا كتبا عن المدينة وقرأها الآلاف حول العالم، وقرروا أن يزوروها، ومنهم من اشترى عقارا بملايين الدراهم للاستقرار فيها.. ومنهم… ومنهم…
كتاب واحد قادر على أن يجذب عشرات الآلاف من السياح، دون مبالغة، لكن طبعاً بما أن مثل هذا الأثر لا يرى مباشر، فمن الصعب إقناع المنتخبين به.. ناهيك عن أن الإسمنت يعمي الأبصار فلا ترى سواه.
وخير مثال في هذا الصدد هو كرة القدم، التي لم يكن أحد يتصور أن يقدم منتخبُها هذه الخدمة السياحية الجليلة، إلا بعد أن أصبح واقعاً ملموسا.
وصدقوني، إن كتابا واحدا (مترجماً خصوصا) قد يكون له نفس الأثر أو أكثر أحيانا.. لكن ربما يحتاج الأمر إلى دليل أو ضجة شبيهة بما حدث مع كرة القدم في كأس العالم.. لا تبخلوا على مدينتكم في الفرص القادمة بجناح يعرف بها.