علم موقع “طنجاوة” من مصادر مطلعة، أن مصانع “النسيج السرية” لا زالت منتشرة في حي المجد العوامة التابع للملحقة الإدارية 18 بالرغم من إنشاء ثلاثة مشاريع للمناطق الاقتصادية في طنجة، بمبادرة ملكية رصد لها مبلغ مالي يفوق 320 مليون درهم، حيث تم التأشير عليها عقب فاجعة معمل النسيج سنة 2021.
وأكدت المصادر ذاتها، أنه بالرغم من استفادة أصحاب هذه المعامل “السرية” من “مشروع ملكي” ضخم، مقابل إغلاق المرائب الموجودة في الحي، لكونها لا تحترم معايير وشروط السلامة، كما تُخلف الشاحنات التي تنقل البضائع عرقلة للسير والجولان، فإن أصحابها يصرون على خرق القانون، حيث تتخوف المصادر من تكرار سيناريو جديد لمعمل النسيج “طريق الرباط”، على اعتبار أن هذه “المعامل السرية” تتواجد في مناطق آهلة بالسكان، إذ يمكن لحريق خفيف أن يؤدي إلى كوارث.
الغريب في الأمر حسب المصادر، أن هذه المعامل السرية كانت قد أغلقت لفترة طويلة بعد فاجعة “مصنع النسيج” سنة 2021 ، حيث شددت السلطات المحلية الخناق عليها، وقامت بتحرير مخالفات زجرية في حق عدد من أصحاب هذه المصانع، الذين انتظروا “هدوء العاصفة” لاستئناف العمل من جديد.
وتشير المصادر ذاتها، أن أصحاب بعض هذه المصانع “تحايلو” على ولاية طنجة، حيث تسلموا مفاتيح المحلات الصناعية الموجودة بقطب العوامة المنجز على مساحة 14 هكتارا، بهدف الانتقال إليه، مقابل الوقف الكلي للأنشطة النسيجية في حي المجد، لكنهم أغلقوا مؤقتا، ثم أعادوا فتح “المصانع السرية” عن طريق إسناد إدارتها إلى “أشخاص مقربين” لكي لا يظهر أصحاب الاستفادة في الصورة.
الخطير في الأمر أيضا وفق المصادر عينها، أن هذه المصانع تشكل إزعاجا حقيقيا للساكنة، بسبب أصوات الآلات، وأحيانا الروائح الكريهة، كما أن شاحنات نقل البضائع أصبحت تعرقل عملية السير والجولان في حي المجد.
وتتساءل المصادر عن دور الدائرة 18 التي تقع فيها هذه التجاوزات، في ضبط وتحرير المخالفات ضد أصحاب هذه المصانع أم أنها تنتظر تكرار سيناريو “مصنع الموت”؟
تجدر الإشارة إلى أن المشروع الملكي الذي رصدت له ميزانية تقدر بحوالي 320 مليون درهم، جرى إحداثه من أجل القضاء على “المصانع السرية” بصفة عامة، بعد فاجعة “معمل الموت”.
ويتوزع المشروع على ثلاثة أقطاب “منطقة العوامة المنجز على مساحة 14 هكتار، وقطب منطقة بني واسين التابع لإقليم الفحص أنجرة ومساحته 5.8 هكتارات، وكل هذه الأقطاب ستوفر ما مجموعه 353 وحدة خاصة لفائدة المستثمرين والعاملين في مجال النسيج”.
ويروم مشروع طنجة الذي تشرف عليه وكالة تنمية أقاليم الشمال بشراكة مع وزارة الداخلية، والذي يأتي تبعا لتنزيل الاتفاقية الإطار الموقعة لتمويل وإنجاز مناطق الأنشطة اقتصادية المتعلقة بوحدات الإنتاج التي تشكل خطرا وتستوجب إعادة التوطين، القطع نهائيا مع المعامل السرية المنتشرة بعدد من أحياء طنجة والتي لا تحترم فيها أدنى معايير شروط السلامة.
وقد اختارت وكالة تنمية أقاليم الشمال عدد من الأوعية العقارية لإنشاء المشروع الملكي الهادف لإعادة هيكلة وتنظيم قطاع النسيج خاصة بالجهة الذي يشغل يد عاملة كبيرة، خصوصا مع تنامي ظاهرة إنشاء معامل سرية للنسيج والأنشطة الموازية وسط الأحياء.
وتشكل أقطاب طنجة الثلاثة التي تبلغ مساحاتها الإجمالية 32.3 هكتار، فرصة لامتصاص البطالة عبر خلق حوالي 20 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر، إذ تنتصب هذه الأقطاب الصناعية بعيدا عن وسط المدينة وذلك تفاديا الازدحام المروري وهو ما سيمنح لها الريادة في تعزيز القطاع النسيجي بالمدينة والجهة التي يشكل فيها نواة شغل هامة.
وستقدم الدولة تحفيزات لفائدة المستثمرين والشركات العاملة في القطاع على مدى سنتين، إذ تساهم بنسبة مهمة موجهة لكراء المحلات تصل نسبة التمويل لها 50 في المائة، فيما تساهم بنسبة 30 في المائة كتمويل خاص مقدم للعاملين والمستثمرين لشراء المعدات.
وتحتضن طنجة أكثر من 300 مصنع وورشة في قطاع النسيج والألبسة تتعامل مع شركات عالمية كبيرة، بينما تحتضن الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، العدد الأكبر من المصانع والأوراش في هذا المجال.
وكان الشركاء المساهمون في المشروع، قد رصدوا غلافا ماليا قيمته 320 مليون درهم، موزع بين كل من مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة (50 مليون درهم)، ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة (180 مليون درهم)، وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي (60 مليون درهم)، والمديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية (30 مليون درهم)، حسب الاتفاقية التي تضم أيضا كل من ولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة ووكالة تنمية أقاليم الشمال.