لم يكن العيد الكبير في طفولتنا يحمل معه كل هذا الضغط النفسي والمادي. كانت الأمور بسيطة جدا: السوق في كاسابارطا، والحولي متوفر، والأثمنة في متناول الجميع.
ربما كانت المنافسة بين الجيران فقط بخصوص طول “القرون” فقط لا غير، وهل الحولي “كَراندي” أم أنه عادي.
لكن الحال الآن تغير كثيرا، وأصبح عيد الأضحى هاجسا حقيقيا، وكابوسا للأسر. فالأسعار تحلق فعلا في العالي، والقدرة الشرائية محدودة جدا.
السوق أصبح بعيدا جدا، وعلى أبناء المدينة أن “يسافروا” كي يحضروا الكبش، وإذا لم يجد الأثمنة المناسبة، يكون عليهم أن يعودوا في وقت لاحق، بما في ذلك من تكاليف تنقل كبيرة.
كان ساكنة طنجة في الماضي يضعون الأكباش في الأسطح في الغالب، ويمضي معهم الأطفال أوقاتا طويلة من المتعة والسعادة، وأحيانا – إذا كان الكبش لطيفا – يقيم مع الأسرة وسط الدار وكأنه فرد منها.
أما الآن، مع انتشار الصناديق الإسمنتية والسكن الاقتصادي وغيره، فقد أصبح مكان إيواء الأكباش هاجسا أيضا، والخيارات محدودة، ناهيك طبعا عن أن أغلب أبناء جيلنا ليسوا مؤهلين للنحر، ما يجعل أغلب الآباء الآن يبحثون عن الجزار ليقوم بالمهمة.
أما “الهيدوة” فكانت في السابق تعامل باحترام أكبر، حيث يتم تشميسها وحكها بمادة “الشّبّ”، ليتم استعمالها في ليالي جلسات الشتاء الأسرية الدافئة.
أما الآن، فإنها ترمى مباشرة، ولحسن الحظ أن بعض جامعي القمامة يقومون بجمعها وبيعها للدباغين ربما.. وإلا فإنها كانت ستملأ الشوارع بالروائح والميكروبات.
الكثير من الأمور تغيرت منذ ذلك الحين، وربما لم يبقَ من كل هذا سوى تلك النكتة الشهيرة التي عنوانها “بشحال الحولي؟” هي التي لم تتغير في كل عيد !