لا يوجد شيء يحبه الناس كالإشاعات. الوجدان الجمعي قادر على صنع وحش من لا شيء.
يلتهم قرش سائحاً روسيا على بعد آلاف الكيلومترات، فيبدأ الناس في طنجة بالشعور بالخوف دون أي سبب منطقي أو معقول.
حتى إنني أعرف شخصا لا يحب الذهاب البحر أصلاً لكنه خائف من القرش.. ربما يخشى أن يفتح الصنبور فينزل منه.. ربما.
تظهر سمكة أوركا وهي تتباهى بقفزاتها، كعادتها، في أحد الشواطئ فينظر الناس إلى بعضهم البعض وهم يومئون برؤوسهم ويقولون: أرأيتم؟ إنه القرش الذي سيلتهمنا جميعاً هذا الصيف.
عندما تتضخم الإشاعة يكره الناس من يفسدها عليهم، ويرغبون في تصديقها بشدة. فللخوف لذّته الخفيّة أيضا.
الحقيقة المؤكدة أن سمك الأوركا (وهو صديق للإنسان ولا يهاجمه بالمناسبة) أصبح يحتك ببعض القوارب مؤخرا، دون أن يؤذيها فعلا، وذلك ناتج عن تغير في سلوكه بسبب حادثة وقعت لأنثى أوركا علقت في شباك الصيد.
وسمك الأوركا ذكي جدا، ويتصرف بشكل جماعي، ويتبادل الرسائل بأكثر من طريقة، بل إن طقوسه تختلف من منطقة إلى أخرى.
سمك الأوركا مرح بطبعه، وهو متواجد في أكثر من سيرك وأكثر من “أكوا بارك” حول العالم، وذكاؤه لطيف جدا وملفت للأنظار.
يطلق عليه اسم “الحوت القاتل” لأنه ضخم وقادر على التغلب على باقي الأسماك بما في ذلك القرش.
القرش الذي لم يثبت يوماً أنه ظهر في سواحل شمال المغرب، أو تسبب في حادثة، على مر التاريخ المعاصر، لكن من يستطيع إقناع محبي الإشاعات بذلك؟
القرش الحقيقي الذي على الناس أن يخشوه هو العملة.. عملة القرش.. الفلوس.. المال..
هذا القرش نتمنى أن يبقى متواجدا ويدور بين الجيوب، كي تستمر الحياة في حدها الأدنى. أما لو اختفى فستكون حينها بطون القروش الحقيقية أرحم بكثير.