اختلفت عادات الأعراس كثيرا في طنجة، وبعد أن كانت الأحياء الشعبية تضج صيفاً بالكثير منها، وتعرف انتشارا للأضواء والأجواء، صار الجميع يتجه نحو قاعات الأفراح.
في الماضي، كان العرس الطنجاوي تضامنيا بشكل كبير. يعلن أحدهم عن تاريخ الحفل فينتشر الخبر ويتحرك الجميع: الجيران والعائلة والأحباب.
يحضر أحدهم الزرابي، ويساعد الآخر بـنصب “القيطون”، بينما يتكفل آخرون بإحضار “المضارب” والموائد والأواني.. وهلمّ جرا.
كان عرس الواحد عرساً للجميع، فصار الآن عرساً منفرداً، يتحمل فيه صاحب الحفل كل شيء، ويتحول فيه الجيران والعائلة إلى مجرد “مدعوّين”، يحضرون فقط ساعة الاحتفال ثم يرحلون.
ولا بأس أن نتذكر هنا أيضا عادة “الهدية” التي كانت تمر قبل انطلاق العرس، بتلك البقرة العجفاء التي تتقدم الموكب، وأصوات “الغياطة” وهي تصدح بأنغام مكررة، ومع ذلك لا يملها أحد.
طبعا هناك أيضا تلك الفتاة المتحمسة التي تصعد فوق “كروصة” الهدية من أجل استعراض مهاراتها في الرقص، وتحريك خصرها الهزيل، فقط لتكتشف في الأخير أنه لا خصر لها أصلا !
عملية نــ.ــحر البقرة أو العجل نفسها كانت تستنفر الحي كله، ويتابعها الجميع باعتبارها حدث الموسم، ولا تدري كيف يتجمع المئات، ويتحول العشرات إلى متطوعين في المساعدة في كل شيء.
ربما كانت الأعراس عشوائية كثيرا ولاشك، وتطبعها بعض المظاهر السلبية، لكنها – أيضا – كنت تنضح بالكثير من الحميمية التي افتقدها الطنجاويون مع الأعراس الحديثة التي رحلت نحو القاعات.