كانت الأيام الماضية قاسية على ساكنة طنجة بعد أن علموا أن الحريق الذي اندلع بغابة الرميلات التهم منها ما يقارب 40 هكتارا.
وسواء تعلق الأمر بمنطقة دونابو، أو بمنتزه برديكاريس، فإن الطنجاويين تربطهم علاقة وجدانية كبيرة بغابة الرميلات، فهي الملاذ للتريض والترويح عن النفس واستنشاق الهواء النقي، ناهيك عن كؤوس الشاي المنعنع بمقاهيها، وأطباق “البيصار” والشواء بمطاعمها.
فالرميلات ليست مجرد منطقة خضراء هي بمثابة رئة المدينة فقط، بل هي كائن حيّ بالنسبة للساكنة، طالت عشرته ولا يريدون أن تنتهي.
تمت السيطرة، إذن، على الحريق أخيرا، بعد مجهودات جبارة جدا لكل الجهات بمختلف أطقمها، وعلى رأسها رجال الإطفاء والوقاية المدنية، ولحسن الحظ لم تكن هناك خسائر بشرية أو مادية جسيمة.
بيئيّا، تُعرف الغابة بتنوعها البيولوجي المتفرّد لما تزخر به من نباتات وحيوانات، وهي واحدة من أهمّ “بالوعات الكربون Carbon Sinks ” بالمدينة، لا يعكّر صفوَ أهميتها سوى ما يتهددها من عواملَ أغلبها للبشر يدٌ فيها، للأسف.
تمتد غابة الرميلات على مساحة 67 هكتارا، وتتميز بتنوع بيولوجي هامّ بحيث تضم أشجار البلوط الفليني وأشجارا تمّ استيرادها وزرعها في بدايات القرن العشرين، كالأكلبتوس والصنوبر المثمر.
ووفق معطيات للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بطنجة فإن أهمّ ما يميز غابة الرميلات وجود أشجار Chêne zéen، وهو نوع من أشجار البلوط لا ينمو إلا على ارتفاعات كبيرة تتجاوز 700 متر، لكنه في غابة الرميلات ينمو على ارتفاع منخفض جدا وقريب من سطح البحر، والغريب أن هذا حدث بشكل طبيعي، ولعلها واحدة من الحالات النادرة في العالم فعلا.
تضمّ الغابة أيضا أصنافا حيوانية متنوّعة؛ حيث يعيش بالمنتزه، بحسب تقريرٍ للمندوبية، 16 نوعا من اللبونات، و28 نوعا من الزواحف، إضافة إلى 55 نوعا من الطيور.
كما تكمن أهمية الغابة في كونها أول فضاء طبيعي أخضر تستريح به الطيور المهاجرة العابرة من أوروبا نحو الجنوب، قبل أن تنتقل نحو محمية تهدارت.