بعد مرور أشهر الصيف الثلاثة اتضح أن المخاوف التي انتشرت في بدايته من وجود أسماك القرش كانت بدون داعٍ.
اتضح أن سمك القرش لا يمتلك وقتاً ليضيعه على حماقاتنا، وأن ما وقع في مصر كان حادثة منفردة نادرة، وأننا – عندما نريد – نصنع مخاوفنا بأنفسنا، ثم نبدأ في الارتعاش منها.
في قصتها المصورة للأطفال “الغرفل The gruffalo“، والتي حازت عشرات الجوائز الدولية، تحكي الكاتبة البريطانية جوليا دونالدسون قصة فأر تعترضه مجموعة من الحيوانات من أجل التهامه، وفي كل مرة يخوّفهم بصديقه “الغرفل” الوحش المخيف، والذي اخترعه من وحي خياله.
بعد أن يعبر الغابة كاملة، يكون الفأر قد شكل صورة كاملة في خياله لهذا “الغرفل” ليجد نفسه أخيراً وجها لوجه فعلاً أمام الوحش الذي صنعه من وحي خياله !
هذا ما فعله ساكنة وزوار طنجة بأنفسهم هذا الصيف، ودعموه بقصص عن سمكة الأوركا، التي اعتقدوا أنها قرش متنكّر، بينما المسكينة لا تهاجم البشر إطلاقا ولا تقترب من الشاطئ، وكل ما فعلته هو أنها أزعجت مجموعة من القوارب، لأسباب مختلفة.
لكن، هل مر الصيف فعلا دون أن تهاجمنا أية قروش من أي نوع؟
بلى، لقد هاجمتنا قروش برية مختلفة، واحتلت الشواطئ، وجعلت استغلالها مؤدى عنه، ونصبت “الباراصولات” في كل مكان، حتى تحول الشاطئ من ملك عام إلى ملك خاص.
القروش التي ظهرت في الشواطئ كانت تطلب من المصطافين 50 درهماً من أجل الجلوس أمام الشاطئ، وإذا لم يعجبك الحال، فتقهقر إلى الوراء لتشاهد البارصولات أمامك بدل أن تشاهد مياه البحر التي وهبها الله مجانا لهذا الوطن.
القروش التي ظهرت كانت ترتدي أحيانا “جيليات” صفراء، وتفرض الإتاوات على المصطافين في أي بقعة فارغة، ومهما كانت المدة الزمنية قصيرة.
القروش التي ظهرت كانت عبارة عن مظاهر سلبية كثيرة لا زالت تعاني منها شواطئنا، وهي التي ينبغي أن نخاف منها فعلا، أو بالأحرى نحاربها ونضع حدا لها.