ذ. مصطفى الهاشمي – كاتب من طنجة
ولد الفقيد محمد بن تاويت الطنجي في قبيلة ودراس، ناحية طنجة. تخرج من القرويين، ثم سافر إلى القاهرة، فحصل على الإجازة في الجغرافيا بتفوق من جامعة القاهرة سنة 1943.
حضر مؤتمر المستشرقين في لندن سنة 1954، بعدها انتقل إلى تركيا للعمل فيها كأستاذ للألاهيات في جامعة أنقرة، وهناك انكب على تتبع كل المخطوطات المتعلقة بابن خلدون.
عاد إلى المغرب سنة 1963، حيث اشتغل في قسم تحقيق التراث في وزارة الأوقاف، وألقى درسآ حسنيآ أمام الملك الحسن الثاني، غير أن حنينه الى تركيا سرعان ما عاد اليه بقوة فرجع إليها حتى توفي فيها.
أبرز ما حققه كان كتاب التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربآ، صدر عن لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة سنة 1952. كما حقق جدوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، وكذا كتاب “مختصر العين” للزبيدي، بالاشتراك مع علال الفاسي.
بدأ في تحقيق كتاب الفهرست لابن النديم، غير أن القدر لم يمهله حتى يكمله، كان في آخر حياته يعد طبعة جديدة محققة لمقدمة ابن خلدون، مقارنة مع نسخ جديدة في حوزته، مع تعليقات وفوائد مهمة.
حينما زار طه حسين المغرب سنة 1985، عينته الحكومة المغربية المرافق الرسمي لطه حسين لزيارة طنجة، حيث نزل الدكتور طه حسين في فندق المنزه لمدة ثلاثة أيام ، وقد ذكرت سوزان طه، زوجته، تفاصيل هذه الرحلة الطنجوية في كتابها “معك”.
الدكتور إحسان عباس في مذكراته “غربة الراعي” يذكر فضل ابن تاويت عليه في تمكينه من ولوج المكتبات التركية والقيام بالترجمة قائلا : “كانت صداقتي لمحمد بن تاويت الطنجي الذي ُيدرّس في كلية الإلهيات بإستانبول وأنقرة تسهل علي الوصول إلى ما أريده في بلد لا أحسن لغة أهله، وكان ابن تاويت عارفآ بالمكتبات، فزرت معظمها بصحبته، كما كنا نقضي الأمسيات معآ في المقاهي”.
يحكي الأستاذ المحقق خالد السباعي إنه كان في زيارة علمية لأنقرة ، سنة 2011، فوجد حفلا كبيرآ يترأسه وزير الثقافة التركي يخلد ذكرى مرور مأئة عام على مولد “محمد بن تاويت الطنجي”، وأطلق اسمه على إحدى القاعات الجامعية التي كان يدرس فيها.
كما توجد قاعة باسمه في مركز المخطوطات بالقاهرة، وقد صدر عقب وفاته من المجمع العلمي العربي بدمشق هذا النعي “افتقد الوطن العربي والعاملون في الدراسات العربية والإسلامية عالمآ كبيرآ من جلة العلماء، ومحققا ثبتآ من أكابر المحققين الذين كانوا يعملون في صمت .. ويتابعون جهودهم بعيدآ عن مواقع الشهرة والضجيج”.