لا زال عدد من ساكنة “حومة الشوك” بطنجة، مُتخَوفون من المسارات التي قد يسلكها ملف طردهم من “وعاء عقاري” قدرته الشركة المدعية بحوالي 14 هكتارا، بالرغم من صدور حكم قضائي بعدم قبول الدعوى من طرف قاضي المستعجلات في ابتدائية طنجة.
هذه التخوفات نقلها موقع طنجاوة إلى دفاع الساكنة يونس بن علال المحامي بهيئة طنجة، حيث أكد أن عدم قبول الدعوى يعتبر إنصافا للمدعى عليهم.
وأوضح بن علال أن الملف الذي تقدمت به الشركة المدعية كله عيوب قانونية من الناحية الشكلية، حيث تقدم دفاع الساكنة بالأدلة اللازمة للقاضي خلال جلسات الحكم.
وتحفظ بن علال عن مسار الشكاية التي تقدم بها دفاع الساكنة إلى الوكيل العام للملك لدى استئنافية طنجة، حيث تتعلق بوجود شبهة التزوير في وثائق رسمية من أجل تحفيظ الوعاء العقاري المتنازع عليه.
ماذا يعني عدم قبول الدعوى؟
وكشفت أميمة الطاص محامية بهيئة طنجة وطالبة باحثة في سلك الدكتورة أن “عدم قبول الدعوى” يعني وجود عيب من عيوب الدعوى المتعلق بالشكلية ، ويمكن للمدعي أن يقوم بتصحيحه في أجل وإعادة رفع الدعوى من جديد.
الطاص أكدت أن الحكم الذي يجب أن يكون في صالح الساكنة ويوضحه رجال ونساء القانون للإعلام هو “رفض الطلب” حتى نطالب بتحفيض الأرض لصالح الساكنة، وبين الرفض وعدم القبول اختلافات كثيرة.
وأوضحت أنه يجب التمييز بين مفهومين مختلفين من الناحية القانونية الا وهو الحكم بعدم قبول الدعوى والحكم برفض الدعوى.
وأضافت أن المشرع المغربي أقر للأفراد الحق في الدفاع عن حقوقهم عبر الوسيلة القانونية المتمثلة في الدعوى والتي يشترط لقبولها احترام مجموعة من الشروط الشكلية والموضوعية كما هي منصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، كما أقر أيضا للمدعى عليهم استخدام الدفوع للرد على ادعاءات المدعين والتي تنقسم الى دفوع شكلية ودفوع موضوعية.
ومن بين مجالات تطبيق وإعمال الدفوع بعدم القبول، الحالة التي تنعدم فيها الصفة أو الأهلية أو المصلحة في المتقاضي، والحالة التي يكون فيها الطعن قد قدم بعد انقضاء الآجل المحدد له، وكذا الحالة التي تتطلب رد الدعوى لسبقية البث.
الدفع بعدم قبول الدعوى هو دفع لا يوجه إلى إجراءات الخصومة، ولا إلى ذات الحق المدعى به، بل يرمي إلى إنكار سلطة المدعي في استعمال الدعوى، و يوجه كذلك إلى الوسيلة التي يحمي بها صاحب الحق حقه.
وتضيف الطاص أنه بالرجوع إلى منطوق الحكم في ملف “حي بنكيران” والاتجاه الذي سارت عليه المحكمة، على اعتبار الدفع بعدم القبول هو دفع شكلي، نجد ان الحكم ارتكز في تعليله ومنطوقه بالبت بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة الشركة المدعية، استجابة للدفع الشكلي الذي تقدم به دفاع المدعى عليهم، وبذلك تكون المحكمة قد قضت في الدعوى من حيث الشكل، دون البت في موضوع الدعوى، وهو ما يدخل في إطار القضاء الإستعجالي وشروطه المتمثلة في: عدم المساس بالجوهر. مع جواز إمكانية رفع دعوى جديدة امام المحكمة.
وتابعت: “إن هذا الحكم يندرج ضمن الأحكام غير القطعية، لإنه لا يحسم النزاع، ولا تستنفذ المحكمة سلطتها بشأنه، ولا يحوز الحكم حجية الشيء المقضي به، حيث يبقى للمدعي – المحكوم عليه – الحق في تدارك وتصحيح الخلل الشكلي، ومعاودة اللجوء إلى نفس المحكمة”.
الطاص أكدت أن الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى برفض الدعوى تستنفذ ولايتها وسلطتها للفصل في موضوع الحق المتنازع فيه، ولا يبقي أمام المدعي سوى الطعن فيها بالاستئناف، وإلا تمت مواجهته بسبقية الفصل في النزاع إذا تم الدفع به بشكل قانوني، بشرط احترام نظامية طرحه من طرف المدعى عليه، لأنه لا يرتبط بالنظام العام، وبالتالي لا يجوز إثارته بشكل تلقائي من طرف المحكمة، وذلك تطبيقا للفصل 452 من قانون الالتزامات والعقود.
ووفق الطاص فإنه يتبين مما سلف ذكره أن الشركة العقارية المدعية تحتفظ بكامل الحق في التقدم بواسطة دفاعها بدعوى جديدة أمام أنظار نفس المحكمة في حال تدارك العيب الشكلي الذي أثير في الطلب السابق، والذي قررت المحكمة على أساسه بعدم قبول الدعوى، وذلك دون إمكانية مواجهته بإشكالية سبقية البت في الدعوى، أو كون الحكم قطعي، كما يمكن في المقابل للساكنة – المتضررة – الرد على ادعاءات المدعي عبر الدفوع الشكلية والموضوعية مع احترام نظامية كل واحدة منهما.