أحمد الطلحي
تجري حاليا أشغال في سوق الأحذية التقليدية المشهور في المنطقة المعروفة عند سكان طنجة بالبيرو، وفي لوحة الورش نجد عبارة “أشغال ترميم وإعادة تهيئة سوق الأحذية التقليدية”. حيث تم هدم البنايات القديمة وشرع في البناء مكانها بنايات المحلات التجارية للسوق ومرافقه.
وللعلم فالبيرو هو مقر الشرطة الدولية أيام الاحتلال الدولي للمدينة بني في العشرينات من القرن الماضي، والمحلات التجارية ذات الأسقف المقوسة كانت تسمى بالعلافات وكان يباع فيها علف الماشية، وفيما بعد أصبح يباع فيها الحبوب أيضا والمنتوجات التقليدية من ملابس وأحذية وغيرها، وفي الساحة المجاورة والتي كانت تسمى ب”الطيراسا دالبيرو” كان يباع فيها المواشي والأرحية الحجرية التي كانت تنتج بمنطقة أشقار كما كانت تعرض فيها فنون الحلقة الشعبية.
ونظرا للأهمية التاريخية لبناية البيرو وكذلك لبنايات العلافات (انظر الصور رفقته) اقترحت تصنيفها ضمن التراث الوطني (انظر كتابي: التراث المعماري لطنجة، الذي نشر سنة 2022 وترجم إلى ثلاث لغات أجنبية).
وما يجري من أشغال حاليا لا يمكن نعثه بأشغال الترميم وإنما هي أشغال التجديد أي هدم بناء قائم أو متدهور وإعادة بنائه، فالترميم يعني الحفاظ على الشكل العام للبناية وعناصرها المعمارية وعلى مواد البناء القديمة وهذا ما لم ألاحظه في طبيعة الأشغال الجارية حاليا (انظر الصور المرفقة).
باختصار نحن أمام عملية تجديد وليس ترميم.
Rénovation et non restauration
وتعميما للفائدة أنشر نصا لمفهوم الترميم من ميثاق مؤتمر فينيسيا لمنظمة الايكوموس المنعقد سنة 1964 في المادة التاسعة منه:
“عملية متخصصة بدرجة عالية من التقنية هدفها حماية وكشف القيمة الجمالية والتاريخية للمباني . وتستند تلك العملية إلى احترام المادة الأصلية والوثائق الحقيقة. كما يجب أن يكون العمل الإضافي الذي يلزم القيام به متميزاً عن التكوين المعماري الأصلي ويحمل طابعاً عصرياً, على أن تتم عمليات الترميم من خلال دراسات أثرية وتاريخية للمبنى قبل قيام عملية الترميم.
وتستند عمليات الترميم إلى كافة العلوم المحيطة بالحياة بما فيها الكيمياء والجيولوجيا والبيولوجيا والعمارة والهندسة وغيرها من العلوم التي تخدم بشكل مباشر الواقع البشري وحضارته.
أن الحفاظ على الهيكل المعماري للمباني التراثية هو احد أهم مظاهر الحضاره البشرية حيث تختص عملية الترميم بالجزء المكمل لها وهو الحفاظ على الهيكل الإنشائي والمظهر الخارجي والداخلي وتستند بذلك إلى بحوث وتقنيات تعطي السلامة المتكاملة للكتل والهياكل للمباني وتمتد إلى تفاصيلها الجزئية.
لذا فان عملية الترميم هي مجال تتداخل فيه مختلف العلوم والتخصصات مع اشتراك مختصين آخرين بعلوم أخرى لتكوين مفهوم يحيط بالهيكل إحاطة متميزة تؤدي به إلى مفهوم آخر هو الحفاظ عليه”.
* فاعل جمعوي ومختص في العمارة الإسلامية