استمرارا على نفس نهجها في باقي القطاعات.. وهو النهج الذي يعتمد منطق “تسمين الحيتان الكبيرة”، ولعب دور المتفرج على استفراد الشركات بالمواطنين وممارسة جشعها وتسلطها عليهم.. مازالت حكومة أخنوش والقطاع الوزاري المعني بالنقل تصم آذانها عن “استغاثات” المسافرين، خصوصا من أبناء الجالية المقيمين بالخارج، من الاحتكار الذي يشهده الخط الوحيد الرابط بين طنجة وطريفة، والذي جعل الشركة المحتكرة تسوغ لنفسها “التلاعب” بالأسعار كما تشاء، وهو التلاعب الذي انعكس مؤخرا على الزيادة التي بلغت 30 في المائة خلال السنة الجارية.
أكثر من ذلك فقد كان رد وزير النقل صادما وهو يخبر برلمانيين وعبرهم مواطنين بأن الحكومة لا تستطيع فعل شيء لإنقاذ المواطنين من هذا “الفخ المحكم”، واكتفى كأي “مواطن مغلوب على أمره” بالقول: “لقد ناشدنا الشركة لتخفيض الأسعار”.
نفس الشركة والسعر خيالي!
مصدر مطلع لموقع “طنجاوة” كشف أن احتكار شركة واحدة لقطاع النقل البحري من طنجة إلى طريفة، يعتبر السبب الرئيسي لارتفاع أسعار التذاكر، معتبرا أن عدم وجود منافسة يزيد من هيمنة هذه الشركة.
ووصل سعر تذكرة 3 ركاب وسيارة ذهابا وإيابا من طنجة إلى طريفة إلى 5570 درهما، بينما لا يتجاوز الثمن من سبتة المحتلة إلى الجزيرة الخضراء 2600 درهم، بفارق حوالي 2900 درهم!
فيما يصل سعر تذاكر 5 ركاب وسيارة من طنجة إلى طريفة ذهابا وإيابا إلى 7070 درهما، بينما من لا يتجاوز السعر سبتة إلى الجزيرة الخضراء 4134 درهما، بفارق حوالي 2936 درهما!
ويعتبر مسافرون في تصريحات لموقع “طنجاوة” أن هذه الزيادات (مع نفس شركة النقل البحري الموجودة في طنجة وسبتة) غير مبررة، خصوصا إذا ما تمت مقارنتها مع أثمنة تذاكر النقل البحري في الثغر المحتل التي تعد تنافسية وفي المتناول.
ويقول إ.بنموسى، أحد المسافرين، في تصريح لموقع “طنجاوة” إن تكلفة التنقل بالسيارة من طنجة إلى طريفة مضاعفة، حيث يؤدي كل سائق على مركبته 3300 درهما ذهابا وإيابا، وهو “مبلغ خيالي” بالمقارنة مع الثمن المؤدى عند السفر من سبتة المحتلة إلى الجزيرة الخضراء، حيث لا يتجاوز 46 أورو (حوالي 500 درهما) ذهابا وإيابا، مع نفس الشركة المتواجدة في مينائي (طنجة وسبتة).
ويضيف بنموسى، المقيم في الديار الإسبانية، أنه يضطر مرارا إلى الدخول إلى المغرب عن طريق سبتة المحتلة، نظرا لسعر التذكرة المنخفض، بالمقارنة بخط طريفة – طنجة.
ويرى أن حكومة سبتة المحتلة تدعم تذاكر النقل البحري، من أجل خلق رواج تجاري في المنطقة، مشيرا إلى أن المسافرين المتواجدين في ميناء الثغر المحتل يضطرون إلى اقتناء المأكولات والجلوس في المقاهي، وكذا اقتناء بعض الحاجيات من المتاجر، ما يخلق رواجا تجاريا يستفيد منه الإسبان.
وأضاف أن ميناء سبتة المحتلة يحتوي وحده على 4 شركات للنقل البحري، بالمقارنة مع ميناء طنجة المدينة الذي لا تتواجد فيه إلا شركة واحدة تحتكر القطاع.
الحكومة مسؤولة عن غلاء الأسعار
من جهته، اعتبر محمد أوعناية، الرئيس المدير العام لشركة تدبير ميناء طنجة المدينة، في اتصال مع موقع طنجاوة أن تذاكر النقل البحري من طنجة إلى طريفة غير مدعومة من طرف الحكومة، كما هو الحال في الخطوط البحرية الرابطة بين سبتة المحتلة والجزيرة الخضراء.
وأضاف أنه بالرغم من تواجد نفس شركة الملاحة البحرية التي تنقل المسافرين من طنجة إلى طريف (تنقل) وأيضا المسافرين من سبتة المحتلة إلى الجزيرة خضراء، غير أن الأثمنة تختلف، مؤكدا أن إدارة الميناء لا علاقة لها برفع أو خفض أثمنة التذاكر، بل الحل في يد الحكومة.
استنكار في البرلمان
وسبق للفريق الاشتراكي بمجلس النواب أن قام بالمقارنة بين أسعار تذاكر البواخر بين المغرب وإسبانيا والأسعار المطبقة في دول أخرى.
وأوضح في سؤال كتابي موجه إلى وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، أن تذاكر الرحلات تكلف مبالغ كبيرة، رغم أن المسافة لا تتعدى عشرة كيلومترات.
واعتبر الفريق الاشتراكي أن الشركات المالكة لبواخر نقل المسافرين “تتصرف ضد منطق حرية الأسعار ونظام المنافسة الحرة عبر التوافقات”، كما دعا الوزارة الوصية إلى “البحث عن تدابير عملية لمحاربة الاتفاقات غير القانونية والحد من ضرب منطق المنافسة الشريفة ومنع الاحتكار والجشع”.
وفي السياق ذاته، اعتبرت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية أنه “لا يعقل أن تدفع أسرة من أربعة أفراد مبالغ باهظة لاقتناء تذاكر السفر لزيارة المغرب”، متسائلة عن سبب عدم دعم أسعار تذاكر السفر على غرار ما تم خلال فترة “كوفيد”، “ولو في إطار رد الجميل”، مشيرة إلى أن التحويلات المالية لمغاربة العالم بلغت مستوى قياسيا ناهز 100 مليار درهم.
الوزير يرد
وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، كشف حينها أن الوزارة “تولي عناية لعملية العبور عبر توفير الظروف الكفيلة لإنجاحها، منها توفير الأسطول البحري الكافي وتحديد برنامج الرحلات وتعزيز طاقة العرض”.
وأوضح عبد الجليل أن أسعار تذاكر النقل على المستوى العالمي “عرفت ارتفاعا بسبب التضخم”، مضيفا أن الوزارة “قامت بتحسيس الشركات البحرية بخفض أثمان التذاكر، واستجاب بعضها، حيث عرضت تخفيضات تفضيلية بلغت عشرين في المئة، أي حوالي ألف درهم لكل أسرة”.
واستبعد المسؤول الحكومي ذاته إمكانية دعم أسعار تذاكر السفر بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، حيث قال: “الدعم الذي تم في فترة كوفيد كان استثناء ولم يتكرر”.
وأشار إلى أن عدد البواخر التي أمّنت النقل البحري السنة الماضية وصل إلى 32 باخرة، تشتغل على 12 خطا، وتؤمن 538 رحلة كل أسبوع، بسعة 500 ألف مسافر و136 ألف عربة.