عادت مقاهي الشيشة إلى الانتشار بقوة في عدد من الأحياء الموجودة في طنجة، كما تحولت إلى أوكار لممارسة الدعارة وبيع وشراء جميع أنواع المخدرات والمؤثرات القوية.
وتعتمد هذه المقاهي “الخارجة عن القانون” على تقديم عروض مجانية لفتيات قاصرات لاستقدامهن إلى المقاهي من أجل جذب انتباه الشباب، كما أن بعضها يتوفر على “أوكار دعارة” للراغبين في “ممارسة الجنس” وذلك بتواطؤ مع بعض المسؤولين مقابل تقديم “إتاوات لهم”.
وبالرغم من أنه لا توجد رخصة قانونية لما يسمى “مقهى الشيشة“، فإن بعض أصحاب المقاهي يلجؤون إلى التحايل على القانون، حيث يتحصلون على رخصة مقهى عادية، ثم يتم تحويلها إلى مكان لتقديم “النرجيلات”.
وتتمركز غالبية هذه المقاهي في الأحياء والشوارع الراقية لمدينة طنجة مثل ملاباطا، كما أنه يتواجد على مستوى الملحقة الإدارية 4 حوالي 20 مقهى شيشة تشتغل بشكل طبيعي أمام أعين السلطات.
وتشكل هذه المقاهي خطرا على مرتاديها، حيث تغيب معايير السلامة داخل هذه الأماكن المغلقة، والتي لا تتوفر حتى على مكيفات هوائية، إذ يمكنها أن تتحول إلى “كابوس مرعب” للزبائن كما وقع في أحد المقاهي الشهيرة بكورنيش المدينة سنة 2020 بعد اندلاع حريق تسبب في وفاة امرأتين وإصابة خمسة أشخاص.
وكان والي جهة الشمال السابق، محمد مهيدية، قد شدد الخناق على هذا النوع من المقاهي، بعدما أمر القائدَ الجهوي للوقاية المدنية والقياد المعنيين حسب دوائر نفوذهم، بالقيام بعمليات تفتيش واسعة تشمل المقاهي والمطاعم التي تخالف مضمون الرخص التجارية المسلمة إليها، بسبب تقديمها خدمة تدخين “الشيشة” لزبنائها، والعمل على تحرير محاضر معاينة آنية في شأنها.
كما أمر جميع الأجهزة الأمنية بتكثيف عمليات المراقبة الليلية لما تكتسيه من عامل المباغتة الذي لا يتوفر لدى لجان السلطة المحلية، مع ترتيب الآثار القانونية في حق المخالفين وتقديمهم للجهات القضائية المختصة.
“طقوس الشيشة”
يقول حمزة أحد زبناء “مقهى شيشة” في حديثه لموقع “طنجاوة” إن ما يقع في هذه الأماكن “لا يخطر على بال”، إذ بمجرد الدخول يستقبلك دخان كثيف وموسيقى صاخبة.
ويضيف أن أغلبية النادلات داخل هذه المقاهي “شابات وسيمات” يقمن بتقديم “الشيشة” للزبائن مقابل مبلغ مالي يتراوح ما بين 50 إلى 300 درهم.
ويشير المتحدث ذاته إلى أن الفضاء مغلق بطريقة يصعب معها التنفس، حيث الأدخنة تتصاعد وسط جو صاخب، خاصة مع غياب مكيفات أو منافذ للتهوية.
يجري ذلك بينما يتبادل شباب وشابات القبل خلسة، بينما تنشغل النادلات في تحضير المعسل والجمر، وتنظيف وتغيير الأنبوب المستعمل في التدخين.
ويضيف المتحدث ذاته أن مقاهي شيشة معروفة في طنجة تتواجد داخلها أماكن تشبه أوكار الدعارة، يتم استغلالها لممارسة الجنس، أكثر من ذلك هناك أماكن يتم فيها ترويج الكوكاين وغاز الضحك ومؤثرات عقلية أخرى، بل إن بعضها يقدم الكحول بالرغم من عدم التوفر على أي رخصة.
“دعارة تحت أنفاس الدخان”
أما سلمى (اسم مستعار) البالغة من العمر 21 عاما فتقول إنها تدخل إلى مقاهي “الشيشة” مجانا، حيث تصطاد زبائنها من الراغبين في ممارسة الجنس، مشيرة إلى أنها في كل مرة تصادف قاصرات لا تتجاوز أعمارهن الـ16 و17 عاما رفقة شبان يدخنون “الشيشة”.
وتقول سلمى ابنة مدينة الحاجب: “كنجي لهنا باش كنضبر على راسي.. كون لقيت خدمة منديرش هادشي”.
مؤكدة أن “جميع أنواع المخدرات تباع في هذه المقاهي، كما أنه يوجد قاصرات هاربات من منازلهن يتواجدن بشكل يومي في هذه الأماكن”، حسب قولها.
غابة الفساد
من جهته، وصف المستشار الجماعي بمجلس جماعة طنجة حسن بلخيضر مقاهي الشيشة المنتشرة بطنجة بـ”أوكار الدعارة والشجرة التي تخفي غابة الفساد والرذيلة”.
بلخيضر طالب في تدوينة سابقة له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” السلطات المنتخبة بالقطع مع ما سماه “المسرحيات”، في إشارة إلى إغلاق مقاهي الشيشة ومعاودة فتحها، بمنحها تراخيص تحت غطاء إقامة مقاهي ومطاعم، فيما الحقيقة هي أن هذه المقاهي تقدم خدمات مخالفة للقانون، من قبيل انتشار وسيطات لاستقطاب قاصرات واستغلالهن في الدعارة، وترويج المخدرات بأنواعها داخل هذه المقاهي حتى ساعات الصباح.
وتساءل بلخيضر عن الجهة التي تحمي لوبي مالكي مقاهي الشيشة الذين وصفهم بـ”المافيا التي أغرقت شباب المدينة في الإدمان”.
تواطؤ مسؤولين
وتشير المصادر المتحدثة لموقع “طنجاوة” إلى أن تواطؤ بعض المسؤولين يظهر بِجلاء، بعد ارتفاع عدد مقاهي الشيشة خلال السنوات الأخيرة.
وتفيد المصادر ذاتها أن سماسرة (بعضهم من أعوان السلطة) يفرضون إتاوات على أرباب المقاهي الموجودة في نفوذهم الترابي، وذلك بمباركة من مسؤول في الملحقات الإدارية بالمدينة.
وتضيف المصادر نفسها أن الإتاوات تصل إلى مليون سنتيم شهريا، يتم تقسيمها إلى شطرين (5000 درهما كل 15 يوما).
وتشير المصادر إلى أن عمليات “ابتزاز خطيرة” تقع داخل النفوذ الترابي للملحقة الإدارية المذكورة، مقابل التحصل على مبالغ مالية مهمة، وإلا يتم مداهمة المقهى وحجز النرجيلات.
تهديد ووعيد
وأكد رئيس أسبق لإحدى المقاطعات بطنجة (فضل عدم الكشف عن اسمه) أنه لا توجد رخصة لمقهى الشيشة، مشيرا إلى أن غالبية المستثمرين يقومون بالتحايل على القانون، إذ أن ترخيص المقاطعة محصور فقط في مقهى، لكن بمجرد الحصول على الرخصة يتم إضافة الشيشة واستقبال القاصرات والقاصرين.
وتشير المصادر إلى أنه في حالة عدم منح رئيس المقاطعة الترخيص لمقهى، بسبب شكوك في تحويلها إلى مقهى للشيشة، يتعرض إلى “وابل من التهديدات” من طرف جهات وصفها بـ”المجهولة”.
مطالب بتفعيل القانون
ويرى حسن الحداد، رئيس رابطة حماية المستهلك، أن ظاهرة انتشار مقاهي الشيشة في تزايد مستمر. مضيفا: “نجهل الطريقة التي يتم الترخيص بها لهذه المقاهي التي تقوم بترويج الشيشة المحتوية على مواد مضرة بالصحة حسب دراسات حديثة، حيث سبق اتخاذ مجموعة من الإجراءات لمنع استيراد المواد المستعملة فيها”.
وأضاف: “نحن في الرابطة سبق لنا أن تلقينا مجموعة من الشكايات من ساكنة العمارات لأن هذه المقاهي بات اسمها مرتبطا بمجموعة من الأفعال، كما أنها تشكل إزعاجا لا يطاق للساكنة، خصوصا وأنها تتواجد في بعض الشوارع الآهلة بالسكان، منها منطقة موسى ابن نصير”.
وأبرز أن داخل هذه المقاهي التي أصبح ضررها أكثر من نفعها يتم التعاطي للمخدرات الصلبة والعادية.
وأشار: “راسلنا مجموعة من المؤسسات العمومية كنا نطلب التدخل من أجل تفعيل القانون، كنا ننتظر جماعة طنجة تتدخل خصوصا وسبق لأعضائه إثارة الموضوع لكن دون جدوى”.
واعتبر أن “الدوريات الأمنية لا تتحرك إلا بوجود شكايات، وبالتالي يبقى دورها غير فعال ولا تحد من الظاهرة”.
وطالب الحداد بوضع خطة من أجل تحديد وتقنين هذه المقاهي. والضرب بيد من حديد لكل من سولت له نفسه تحدي القانون، مشيرا إلى أن “عددا من المقشدات والمقاهي تحولت إلى تقديم الشيشة، كما فتحت أبوابها في وجه القاصرين والقاصرات، إذ أصبحت تمارس داخلها ممارسات غير أخلاقية”.