بقلم / أيوب الخياطي
خمسة أشهر مرت منذ أن لفظ البحر جثة لاعب اتحاد طنجة عبد اللطيف أخريف في إحدى شواطئ وهران بالجزائر، بعد غرقه في شاطئ “رستينكا“.. خمسة أشهر ثقيلة بساعاتها ودقائقها تحملت فيها عائلته ألم الفقدان ووجع الانتظار، مقابل تجاهل وصمت مطبق من نظام”الكبرانات” الذي يصر مرة أخرى على إثبات أنه آلة خالية من الإنسانية.
في كل يوم يمر، تعيش والدة أخريف وجعا مضاعفا، ليس فقط لرحيل ابنها المفاجئ، بل للعجز عن دفنه على أرض وطنه وبين أهله.. مشهد الأم التي تصارع أوجاعها بلا جدوى يلخص أزمة ضمير غائب عن النظام الجزائري، الذي جعل من قضية إنسانية بحتة ورقة تخضع لحسابات البيروقراطية الباردة وربما الحسابات السياسية الضيقة.
وبالرغم من أن شقيق عبد اللطيف أخريف سافر من إسبانيا إلى وهران وتعرف على جثة أخيه بعد أيام من العثور عليها، ورغم أن السلطات الجزائرية توصلت بعينات الحمض النووي (ADN) التي أرسلها الدرك الملكي عبر وزارة الخارجية المغربية، إلا أن نظام “الكبرانات” يواصل التسويف والمماطلة، وكأنه يتلذذ بتعذيب والدة الراحل.. تلك الأم التي ظهرت في مقاطع فيديو مؤثرة، تغالب دموعها ووجعها وهي تردد عبارة موجعة: “جيبولي ولدي ندفنو ونرتاح”.
هذه ليست حادثة معزولة، فالنظام الجزائري، المعروف بتسييس كل ما يمكن أن يمس علاقاته مع المغرب، يعكس في هذا الملف تجرده من قيم الأخلاق والإنسانية، حتى حين يتعلق الأمر بجثة إنسان، يظهر النظام وجها عديم الرحمة، وكأن الحقد السياسي يبرر انتهاك كل الأعراف الإنسانية.
لكن، هل يمكننا أن نلوم نظاما غارقا في تناقضاته السياسية وحده؟ أين المؤسسات الحقوقية الدولية؟ أين الأصوات التي تنادي بالكرامة والإنسانية؟ إن الصمت على هذه المأساة شبيه بصمت البحر الذي لفظ جثة أخريف، تاركا العائلة تواجه وحدها جبروت الآلة البيروقراطية الجزائرية القاسية جدا جدا جدا..