أيوب الخياطي
في شوارع طنجة العالية، ترتسم ملامح مأساة يومية، أبطالها دراجات نارية رخيصة الثمن، وشباب مستهتر يقودها بلا وعي ولا قانون، فيما الأرواح تُزهق في كل منعطف، وكأن هذه الدراجات المستوردة من الصين، التي لا يتجاوز ثمنها 13 ألف درهم، تحوّلت إلى خناجر تسير على عجلتين، تغرس أنيابها في طرقات المدينة.
لم تعد هذه المركبات مجرد وسيلة للتنقل، بل صارت أشبه برياح عاتية، تحمل معها الموت أينما حلت.
في كل يوم، تُسجل طنجة ما بين خمسة إلى عشرة حوادث سببها هذه “الصّانيا”، حوادث تُركت لتروي بدماء ضحاياها حكايات ألم لا تنتهي.
آخر الضحايا، شاب في عمر الزهور، لاعب وداد طنجة، الذي لم يتجاوز الـ16 عاما، انتُزع من أحلامه في لحظة، ليفارق الحياة بعد أقل من 24 ساعة على حادث مأساوي قرب مركز الحليب.. إنه مشهد يتكرر، وألم يُعاد، وكأن شوارع طنجة باتت مسرحا لفصول درامية يكتبها الإهمال.
النائبة البرلمانية النزهة أباكريم عن حزب الاتحاد الاشتراكي، لم تلتزم الصمت أمام هذا النزيف المستمر، فوجهت سؤالا كتابيا لوزير النقل واللوجستيك، لتكشف عن حجم الفوضى التي تعتري عالم الدراجات النارية.
أباكريم تحدثت عن التلاعب بالخصائص التقنية لتلك الدراجات، التي باتت تتجاوز سرعتها 180 كيلومترا في الساعة، وعن ضعف تطبيق رخص السياقة للفئات “AM” و”A1″ التي أُقرت في 2016، لتتحول هذه القوانين إلى حبر على ورق، لا أثر لها في الواقع.
فمن يوقف هذا الطوفان الجارف الذي يحصد الأرواح بلا هوادة؟
إنّ دراجات الموت لم تعد مجرد مركبات عابرة، بل تحوّلت إلى أشباح مسرعة تتربص بالمارة، وحصان جامح يهدد أرواح الشباب في كل زاوية وشارع.
لقد آن الأوان أن يتصدى المسؤولون لهذا الخطر الداهم بحزم وصرامة.. فطنجة، مدينة تستحق أن تكون عنوانا للحياة، لا طريقا يسير على درب الموت كل يوم!!