أيوب الخياطي
تعيش طنجة على صفيح ساخن من التنافس السياسي، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والجماعية، حيث بدأت معركة “كسر العظام” بين النخب على المستوى المحلي.
مشهد مألوف يتكرر في كل دورة انتخابية، لكنه يعيد طرح نفس السؤال المحير: أي نوع من النخب السياسية تمتلكها مدينة طنجة؟
تلك النخب التي يفترض بها أن تكون رافعة للتنمية، أضحت، في واقع الأمر، عائقا أمامها.
وفي الوقت الذي نترقب فيه مناقشة عميقة للمشاريع والميزانيات في دورات المجالس المنتخبة، نجد التصويت يتم على عجل، دون أدنى تفكير أو تحليل.
أما الفضائح، فقد باتت هي العنوان الأبرز للأداء السياسي خلال هذه المرحلة الانتخابية التي يعتبرها البعض هي الأسوأ في تاريخ عاصمة البوغاز، حيث نتذكر جميعا واقعة توقيع رخصة سكن من طرف “مجهول” بدل عمدة طنجة الذي سبق له وضع شكاية في الموضوع لدى المصالح الأمنية المختصة، ولا يعرف طنجاوة ماهو مصيرها وهل تم معرفة هذا الخفاش الذي وقع بدل عمدة طنجة؟.. إلى حالة التسيب في منح الرخص الانفرادية بمقاطعة بني مكادة في زمن “السيبة” وهي مرحلة يتذكرها الجميع حتى سميت هذه الرخص باسم منتخب شهير..
هذه الرخص جرى توزيعها كما لو أنها منشورات دعائية، ما ساهم في خلق مشاكل كبيرة على مستوى البنية التحتية، لا زالت بني مكادة تعاني منها إلى حدود كتابة هذه الأسطر.
ويتذكر طنجاوة أيضا كيف تم عزل رئيس مقاطعة طنجة المدينة ونوابه بسبب اختلالات على مستوى تدبير مقاطعة طنجة المدينة تعلقت بعضها بمنح تفويضات خارج القانون، وأخرى بالتوقيع على شواهد إدارية.
هذه الممارسات ليست إلا انعكاسا لضعف النخب السياسية وكفاءاتها.. نخب لا هم لها سوى قضاء مصالحها الشخصية وتسيير أعمالها.
لقد أضحت الأحزاب فارغة من أي رؤية حقيقية، بل باتت تمتلئ فقط بـ”موالين الشكارة” الذين يتنقلون من حزب إلى آخر في موسم “الميركاتو السياسي”، بحثا عن مكاسبهم الضيقة على حساب المصلحة العامة.
أما العملية الانتخابية، فقد تحولت إلى مسرحية سمجة، أبطالها يطلقون وعودا زائفة سرعان ما تتبخر بعد إعلان النتائج.
وحتى القوانين التنظيمية، بما فيها القانون 113.14 المنظم للجماعات المحلية، ساهمت في تقزيم دور المنتخبين، مما أدى إلى إنتاج علب سياسية مكررة، فارغة المحتوى، ومتشابهة كعلب التونة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، ستبدأ الحملة المعتادة: ضرب التعريجة.. كثرة الاجتماعات.. صور تملأ وسائل التواصل، و”أعمال خيرية” موسمية لا تخدم سوى تلميع الصورة الانتخابية.
مشهد يعكس انحدار السياسة إلى مستوى الاستعراض، حيث تغيب المصلحة العامة، ويغرق الطنجاويون في وعود لا تُنفذ.
نحن على أبواب موسم جديد من “التبوريدة السياسية”، صراع بلا أفق، ونخب عاجزة عن قيادة قاطرة التنمية.. والسؤال الذي يبقى معلقا: هل نملك شجاعة التغيير أم أن المشهد سيبقى رهين نفس الوجوه، ونفس الوعود، ونفس النتائج؟؟