رغم الشعارات المرفوعة حول إصلاح المنظومة الصحية وتعميم الحماية الاجتماعية، يعيش قطاع التمريض وتقنيات الصحة على وقع أزمة غير مسبوقة، حيث تتوالى الاتهامات لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإقصاء الكفاءات التمريضية الحاصلة على الدكتوراه، مقابل فتح المجال لدكاترة من تخصصات لا تمت للمجال بصلة.
أحد أعضاء التنسيقية الوطنية للممرضين وتقنيي الصحة الدكاترة قال في اتصال مع طنجاوة: “كيف يعقل ان يدرس أستاذ في المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة وهو لم يتلقى طيلة مساره الاكاديمي اي تكوين في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة؟ وتخصص الدكتوراه بعيدة كل البعد عن تخصصات هاته المعاهد؟!”.
وأضاف: ” لدينا أطر تمريضية حاصلة الدكتوراه في تخصصات تدرس بهذه المعاهد، لكنها تقصى بشكل متعمد من التدريس في المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، رغم خبرتها الميدانية وكفاءتها العلمية”.
التنسيقية، في بيانها الأخير، وصفت ما يجري بـ”الإقصاء الممنهج” الذي يتنافى مع أسس العدالة المهنية، مشيرة إلى أن الوزارة فتحت أكثر من 800 منصب أستاذ محاضر خلال السنتين الماضيتين، لكنها منحتها لدكاترة من خارج القطاع الصحي، وهو ما اعتبرته التفافا على حقوق الممرضين وتقنيي الصحة الحاصلين على الدكتوراه.
وأوضح البيان أن هذه السياسة أثرت سلبا على جودة التكوين داخل المعاهد، التي ما زالت تعتمد على ممرضين وتقنيي صحة موظفين كمدرسين زائرين لسد الخصاص، في حين أن الأطر المؤهلة تُهمَّش وتُقصى من التوظيف كأساتذة محاضرين.
وجددت التنسيقية مطالبتها بتسوية ملف الممرضين وتقنيي الصحة الدكاترة، عبر إدماجهم في إطار أستاذ محاضر، مع اشتراط الانتماء لمجال التمريض وتقنيات الصحة في مباريات التوظيف، كما هو معمول به في قطاعات أخرى.
وأكدت التنسيقية أن استمرار تجاهل مطالبها سيدفع المزيد من الكفاءات نحو الهجرة، سواء إلى قطاعات أخرى داخل المغرب أو إلى الخارج، حيث يتم تقدير كفاءاتهم وتوفير بيئة مهنية مناسبة.
ولم تستبعد التنسيقية التصعيد في الأيام المقبلة، داعية جميع الممرضين وتقنيي الصحة الدكاترة إلى الالتفاف حول إطارهم والاستعداد لخوض أشكال نضالية جديدة، في حال لم تستجب الوزارة الوصية لمطالبهم.
ويبدو أن قطاع الصحة على أبواب أزمة جديدة، تتطلب من الوزارة تدخلا عاجلا لاحتواء الاحتقان المتزايد، خاصة أن إصلاح المنظومة الصحية يظل رهينا بتثمين كفاءات الميدان، لا بسياسة “خبز الدار يأكلو البراني”.