تواصل الغرفة الجنائية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بطنجة، يوم الخميس، النظر في واحدة من أكبر القضايا العقارية التي تفجرت في المدينة، والمتعلقة بتهم التزوير في محررات رسمية والسطو على أموال عمومية، والتي يتابع فيها محافظون عقاريون، وابن محام معروف، ومقاولون عقاريون، بعد حصولهم على مبلغ 14 مليون درهم من ميزانية البحث العلمي عن طريق الحجز على أموال الصندوق الوطني لدعم البحث العلمي والتكنولوجيا، مستغلين رسما عقاريا مزورا.
وكانت غرفة الجنايات الابتدائية قد برأت المتهمين في وقت سابق، رغم الأدلة التي تضمنت 165 وثيقة تثبت التزوير، وهو ما دفع الوكيل العام للملك إلى استئناف الحكم، معتبرا أن المحكمة تجاهلت هذه الوثائق وتعاملت معها كما لو أنها غير موجودة، في حين ناقشت دفوعات لم يسبق لأحد أن أثارها.
وتكشف تفاصيل الملف عن تلاعبات خطيرة، بدأت عندما تقدمت سيدة بشكاية إلى قاضي التحقيق بطنجة، موضحة أنها فوضت محاميا بالدار البيضاء للدفاع عن عقارها البالغ مساحته 60 هكتارا وسط أصيلة، لتتفاجأ لاحقا بأن العقار أصبح مسجلا باسم ابن محاميها السابق وشريك له، حيث استخرجا بمساعدة مسؤولين في المحافظة العقارية رسوما عقارية مزورة استعملت لاحقا لاستخلاص تعويضات مالية ضخمة من خزينة الدولة، في إطار مساطر نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد إلى تحفيظ مرافق عامة ومؤسسات رسمية، حيث تم تسجيل المحكمة الابتدائية بأصيلا ومساحات واسعة من الشوارع الرئيسية ضمن العقارات الخاصة بالمتهمين، رغم أنها لا تمت بصلة إلى العقار الأصلي للمشتكية، ما يطرح تساؤلات كبرى حول الكيفية التي تم بها تمرير هذه العمليات داخل المحافظة العقارية.
الجلسة السابقة، المنعقدة بتاريخ 25 يناير 2025، تم تأجيلها بعد تخلف أحد المتهمين عن الحضور بدعوى المرض، حيث أدلى بشهادة طبية لتبرير غيابه، وهو ما اعتبره متتبعون محاولة لعرقلة مسار المحاكمة، خصوصا بعد الحكم الابتدائي المثير للجدل، والذي منح المتهمين البراءة رغم ثقل التهم الموجهة إليهم.