اختار الكاتب محمد بوزيدان اليدري في شهر رمضان المبارك أن يطل على قرائه بإصدار جديد يحمل عنوان “تحت الضغط”، وهو عمل أدبي يسرد فيه تفاصيل محطات بارزة من مسيرته الحياتية، حيث يمزج بين الذكريات الشخصية والتجارب السياسية والجمعوية التي عاشها داخل وخارج أسوار حزب العدالة والتنمية بطنجة.
الكاتب كشف في تدوينة على صفحته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي أن الكتاب يتكون من ثلاثة فصول، أولها يحمل عنوان “في أحضان الطفولة”، وفيه يعود بوزيدان إلى سنواته الأولى، من مسقط رأسه بالمستشفى الإسباني بطنجة إلى طفولته بحومة كولومبيا ومرشان، ثم إلى تفاصيل حياة والده الذي اشتغل بين طنجة وصخرة جبل طارق، وتجارته في حليب الماعز في زمن كانت المدينة تعج بمزيج من الديانات والجنسيات.
ويعيد الكاتب رسم صورة طنجة كما عاشها بوزيدان صغيرا، بين “الكتاب” القرآني بمرشان، ومدرسة القادري، وروض الطموح، ثم مغامراته مع كرة القدم في ملعب مرشان، والسينما التوأم “كازاروكابيطول”، وصولا إلى فصول الصيف الساخنة بشاطئ مرقالة، حيث الشخصيات الشعبية التي ما زالت محفورة في ذاكرة أبناء المدينة.
أما الفصل الثاني، فخصصه بوزيدان لتجربته مع العمل الإسلامي والجمعوي، انطلاقا من انخراطه في حركة التوحيد والإصلاح سنة 1988، وهو تلميذ بإعدادية ابن الأبار، ثم دوره في إطلاق أول مجلة حائطية بتنسيق مع المرحوم علي الزناكي، قبل أن ينتقل إلى العمل الطلابي الذي توج بإعلان فصيل “الوحدة والتواصل” بكلية الحقوق، وسط معارضة شرسة من الطلبة آنذاك.
في هذا الفصل أيضا، يفتح الكاتب نافذة على الجمعيات التي مر منها، وعلى رأسها جمعية الإشعاع وجمعية الرسالة، بالإضافة إلى تجربته مع جمعية مرشان التي جمعته بشخصيات بارزة مثل نزار النقيب، العراقي المقيم بطنجة وصاحب الأيادي البيضاء في أعمال الخير.
وفي الفصل الثالث، يعرج بوزيدان على تفاصيل تجربته ككاتب إقليمي لشبيبة العدالة والتنمية بين 2009 و2013، وهي الفترة التي وصفها بـ”الساخنة”، حيث عايش ميلاد حركة “لكل الديمقراطيين” التي تحولت لاحقا إلى حزب الأصالة والمعاصرة، وما رافق ذلك من شد وجذب بين الطرفين، خاصة مع عرقلة أنشطة الشبيبة ومنع حملاتها التطوعية، بل واستدعائه للتحقيق الأمني بسبب بيان وزع في المدينة، وخيمة نصبت بعد معركة إدارية.
الكتاب يسرد أيضا كواليس تنظيم الملتقى الوطني الثامن للشبيبة سنة 2012، والجامعة الصيفية بأصيلة، التي استضافت مباشرة بعد خروج محمد الفيزازي من السجن، في خطوة وضعت شبيبة المصباح تحت مجهر السلطات.
ولم يغفل الكاتب دوره في تغطية مكاتب التصويت خلال الانتخابات، وتنظيم دروس الدعم المجانية للتلاميذ بمقر الحزب، وهي تجربة يقول بوزيدان إنها “تستحق أن تُروى للأجيال”.
بهذا الإصدار، يضع محمد بوزيدان اليدري بين يدي القارئ شهادة شخصية على فترة مفصلية في تاريخ طنجة السياسي والجمعوي، بين حكايات الطفولة وبدايات النضال، إلى زمن “الصدامات السياسية” في مرحلة كانت فيها السياسة تعني أكثر من مجرد رفع الشعارات.