عقدت جمعية الشعلة للتربية والثقافة مجلسها الوطني بمدينة المحمدية يومي 22 و23 فبراير الجاري، في دورة عادية تزامنت مع احتفال الجمعية بمرور خمسين سنة على تأسيسها، حيث شكل اللقاء محطة لاستعراض حصيلة نصف قرن من العمل الجمعوي الجاد، والتأكيد على استمرار الالتزام بخدمة قضايا الطفولة والشباب، في ظل ما وصفته الجمعية بتزايد التحديات التي تواجه العمل الجمعوي الجاد بالمغرب.
المجلس الوطني للجمعية، وبعد مناقشته والمصادقة على التقريرين الأدبي والمالي برسم سنة 2024، وكذا البرنامج التعاقدي لسنة 2025 وميزانيته، توقف عند معالم برنامج الاحتفال بذكرى الخمسين لتأسيس الشعلة، مبرزا أن هذه المناسبة ليست فقط محطة احتفالية، بل هي لحظة تقييمية لمسار امتد لعقود، رسخت خلالها الجمعية حضورها في المشهد الجمعوي الوطني والدولي، واستطاعت أن تتحول إلى مدرسة للتربية والثقافة والتكوين والعمل التطوعي الهادف.
وفي هذا السياق، عبر المجلس الوطني عن اعتزازه بما وصفه بالرصيد النضالي للجمعية في مجال الدفاع عن قضايا الطفولة والشباب، من خلال العمل الميداني بمختلف المناطق الحضرية والقروية، والترافع المؤسساتي المسؤول في وجه السياسات العمومية المرتبكة، التي لم تستطع بعد بلورة رؤية واضحة للنهوض بأوضاع الطفولة والشباب، رغم الوعود المتكررة والشعارات التي تبقى في الغالب حبرا على ورق.
ولم يتردد بيان المجلس الوطني في توجيه انتقادات شديدة لما سماه “الحصار الثقافي” الذي تعاني منه الشعلة، محملا وزارة الثقافة مسؤولية تعطيل اتفاقيات الشراكة، وحرمان الجمعية من التمويل العمومي الذي يضمن استمرارية برامجها التربوية والثقافية عبر مختلف جهات المغرب، وهو ما اعتبره البيان سلوكا يتناقض مع الخطابات الرسمية حول تشجيع العمل الثقافي والتربوي.
وفي الوقت الذي شددت فيه الجمعية على رفضها لفرض مبالغ مالية على الجمعيات الجادة مقابل الاستفادة من الفضاءات الثقافية العمومية، أكدت أن مجانية هذه الفضاءات شرط أساسي لدعم إشعاع العمل الثقافي الجاد وتعميم الخدمة الثقافية لفائدة الشباب والأطفال، بدل إغلاقها أو تحويلها إلى فضاءات تجارية.
إلى ذلك، دعت الشعلة إلى إخراج مدونة خاصة بالجمعيات، تشكل إطارا قانونيا متقدما يقطع مع الغموض القانوني الحالي، ويفتح الباب أمام ممارسة جمعوية مسؤولة وناجعة، بما ينسجم مع روح دستور 2011 الذي منح المجتمع المدني أدوارا دستورية متقدمة، ظلت إلى اليوم معطلة بسبب غياب الإرادة السياسية، وتهميش الجمعيات الجادة مقابل تشجيع كيانات جمعوية هجينة يتم استدعاؤها عند الحاجة.
وبخصوص حصيلة الموسم الجمعوي لسنة 2024، أشاد المجلس الوطني بالتزام الفروع الجهوية والمحلية بتنفيذ البرامج التربوية والثقافية والتكوينية، رغم ضعف الإمكانيات، مؤكدا أن نجاح الجمعية في الوفاء برسالتها التربوية والثقافية هو ثمرة مجهود جماعي تطوعي، ساهم فيه أعضاء الجمعية في مختلف المواقع بروح نضالية عالية، ما جعل الشعلة رقما صعبا في معادلة العمل الجمعوي الوطني، وفاعلا تربويا وثقافيا يصعب تجاوزه في أي نقاش أو تصور يتعلق بتنزيل السياسات الثقافية والتربوية.
وفي ختام أشغاله، أكد المجلس الوطني انخراط الجمعية في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية، ومساندتها لكافة المبادرات الوطنية ذات البعد الإقليمي والدولي في هذا السياق، مشددا على أن حماية المكتسبات الوطنية في ملف الصحراء المغربية جزء لا يتجزأ من الالتزام الوطني للجمعية منذ تأسيسها.
كما دعا المجلس الوطني كافة فروع الجمعية إلى الانخراط القوي في تنفيذ البرنامج التعاقدي لسنة 2025، وإنجاح احتفالات الذكرى الخمسين، بما يليق بمكانة الجمعية وتاريخها ورمزية هذه المحطة في مسارها النضالي، مجددا التأكيد على أن خدمة قضايا الطفولة والشباب ستظل في صلب أولويات الجمعية، باعتبارها التزاما أخلاقيا ووطنيا لا يقبل المساومة أو المزايدة.