صادق البرلمان الإسباني خلال هذا الأسبوع على مرسوم قانوني يقضي بإعادة توزيع القاصرين الأجانب غير المرفقين الذين وصلوا إلى مناطق مثل جزر الكناري ومدينة سبتة المحتلة، حيث تم نشر القرار رسميا في الجريدة الرسمية للدولة (BOE) يوم السبت.
ويهدف هذا المرسوم إلى مواجهة ما وصفته الحكومة بـ”الظروف الاستثنائية للهجرة” وضمان “المصلحة الفضلى للأطفال والمراهقين”، حيث حظي بتأييد 179 نائبا مقابل 170 صوتا رافضا وامتناع نائب واحد، في وقت عارضته بشدة كل من أحزاب فوكس والحزب الشعبي.
المعطيات الرسمية تشير إلى أن نحو 4000 قاصر يتواجدون حاليا في جزر الكناري و400 آخرين في سبتة، سيشملهم قرار النقل إلى باقي الأقاليم الإسبانية، وفقا للقدرة الاستيعابية لكل منطقة ومستوى الضغط الذي تعرفه مراكز الإيواء فيها.
وقد تم تحديد تاريخ 28 أبريل الجاري لعقد اجتماع قطاعي خاص بالطفولة والمراهقة من أجل التوافق على تفاصيل تنفيذ العملية، بناء على المعطيات التي قدمتها الجهات، مع استثناء جهات وُصفت بـ”المتمردة” كمدريد وإكستريمادورا وأراغون، التي امتنعت أو تلكأت في تزويد الحكومة بالمعلومات الضرورية.
وأكدت الحكومة المركزية أن العملية تخضع لمعايير واضحة، ولا تدخل فيها الحسابات السياسية.
وتشكل الكثافة السكانية لكل إقليم العامل الأكبر في التوزيع بنسبة 50%، متبوعة بعوامل مثل الدخل الفردي، معدل البطالة، والفارق بين القدرة النظرية والطاقة الفعلية لمراكز الإيواء، وهي معايير تمثل نسبة 13% لكل منها.
كما أخذت الحكومة بعين الاعتبار عدد القاصرين الذين استقبلتهم كل جهة خلال الأشهر الستة الأخيرة، حيث خصصت لهذا العامل نسبة 6% من وزن القرار، فيما تُحتسب نسبة 2% بناء على معيار التشتت السكاني، فيما يُستثنى من الترحيلات الأقاليم الحدودية أو الجزر.
في سبتة، تعاني مراكز الإيواء من اكتظاظ شديد، حيث يتم إيواء أزيد من 420 قاصرا، بعضهم في منشآت غير مناسبة مثل مستودعات بمنطقة “تراخال”، ما تسبب في حدوث مشاكل سلوكية وأعمال عنف، اعترفت بها السلطات المحلية التي دقت ناقوس الخطر بسبب الضغط المتزايد على البنية التحتية.
وفي الوقت الذي تراهن فيه الحكومة على أن يؤدي تنفيذ الخطة إلى تخفيف الضغط عن مناطق الاستقبال الأولي مثل سبتة والكناري، ظهرت مؤشرات على توتر سياسي في عدد من الجهات، حيث أعلنت حكومة جزر البليار نيتها الطعن في المرسوم أمام المحكمة الدستورية، في موقف قد يشجع أقاليم أخرى على اتخاذ نفس المسار.
من جانبها، عبرت مليلية المحتلة عن تحفظها إزاء استقبال قاصرين مرحلين من جهات أخرى، رغم أنها بدورها شهدت موجات ضغط مماثلة خلال السنوات الماضية، وقد تجد نفسها قريبا في نفس الوضع الذي تعيشه سبتة حاليا.
ورغم تعدد الأصوات الرافضة، إلا أن الحكومة الإسبانية تصر على أن ملف القاصرين الأجانب غير المرفقين يندرج ضمن اختصاصات الدولة المركزية، وأن مقاربتها الحالية تستند إلى مبدأ تقاسم الأعباء والعدالة في التوزيع بين الجهات، في انتظار التوافق النهائي على مراحل التنفيذ خلال اللقاء الوزاري المرتقب نهاية الشهر الجاري.