إجلال فرحاتي
كانت فيلا هاريس تحفة فنية، معمارا بزخارف أصيلة مرسومة على خشب الأرز، متحفا طبيعيا، لكنها في السنوات القليلة الماضية لم تعد تحمل من “الفيلا” إلا الاسم، حيث أصبحت مقبرة فنية.
هذه البناية التي شيدها والتر بورتون هاريس (1866-1933)، المراسل الصحفي لجريدة التايمز في المغرب، في نهاية القرن التاسع عشر، تعاقب عليها العديد من المالكين على مدار عقود من الزمن وعرفت ملامحها عددا من التغييرات، قبل أن يتم تسجيلها ضمن التراث الوطني.
وها هي اليوم تعود إلى الواجهة، بعد أن ظلت مهجورة لسنوات، وتحولت في أحلك أيامها إلى مرتع للمتشردين.
تعود أحداث قصة الفيلا إلى أواخر القرن 19، حين كانت طنجة تجذب بعثات ديبلوماسية وشركات عالمية، وكتابا وفنانين.. بل وحتى جواسيس.
كان من بين من استقبلتهم طنجة وغيروا من التاريخ المدينة شاب من أصول بريطانية ينحدر من أسرة ثرية والذي اختار مدينة البوغاز وجهة رئيسية لخدمة مصالحه الشخصية، وكان يعمل صحفيا و كاتبا .
كما يحكى في بعض الروايات أن هاريس كان يعمل كجاسوس متدثر بقبعة صحافي.
استقبل والتر هاريس من طرف السلطان الحسن الأول في مدينة النخيل، حيث استطاع إثر ذلك نسج علاقات مع شخصيات مهمة داخل و خارج المغرب.
وبعدما وضع رحاله في طنجة، شيد منزلا مطلا على البحر بعدما أشرف عليه بنفسه مازجا فيه الثقافة المغربية والعربية الإسلامية.
تعرض هاريس للاختطاف من طرف “مولاي أحمد الريسوني”، الملقب بثعلب جبالة، الذي اشترط فدية لبريطانيا من أجل إطلاق سراحه.
أدى سوء استغلال الفيلا، بعد وفاة هاريس، من طرف وحوش العقار إلى مآل سيء ومحزن، حتى بات يتسائل الجميع عن الغاية من عدم استغلال فضاء كان له دور وازن على مستوى الجذب السياحي من مختلف أرجاء العالم .
سنة 2021، أشرف وزير الثقافة المغربي عثمان الفردوس، مرفوقا بالمدير العام للمؤسسة الوطنية للمتاحف مهدي قطبي، على إعادة افتتاح الفيلا التي أصبحت الآن متحفا قادرا على إعادة ولو جزء من ماضي المعلمة التليد.